"مابين الخيال والواقع"
بقلم Bèllá HãŞsnä
الساعة الآن تشير إلى منتصف الليل، وأنا عاجزة تماما عن النوم، أشعر برغبة كبيرة في أن أكتب شيئا لكنني لا أعلم ما الموضوع الذي أريد أن أكتب عنه، أنا في حاجة إلى الهروب من الواقع، إلى البوح للورق بأشياء أعجز عن قولها لأي شخص في الواقع، لأنني أعلم جيدا أن أفضل طريقة أعبر بها عن مشاعري هي الكتابة، خلال لحظات فرحي أو لحظات حزني، أجدني أحمل قلما وورقة و أبحث عن الكلمات التي تمكنني من وصف شعوري و حالتي.
لكن ما أشعر به الآن شيء مختلف تماما، انا لست حزينة، لكنني لست في مزاج جيد جدا، أصاب بالضحك الهستيري تارة، و تتسلل بعض الدمعات من عيني تارة أخرى، دون أن افهم سبب ذلك. لم يعد أحد من الناس المحيطين بي قادرا على تحمل مزاجي المتقلب.
لدي مكتسبات في علم النفس و علم الفراسة، استطيع تحليل بعض الحالات و التصرفات و ردود الافعال، اعني أنني استطيع فهم الآخر بشكل أفضل، لكن أكبر لغز بالنسبة لي هو نفسي، انا عاجزة تماما عن فهمي، انا فتاة ذات بنية عصبية معقدة جدا، استحال علي الوصول الى حل يخرجني من حالتي هذه.
كنت قبل قليل أملك الكثير من الأفكار، الكثير من الاشياء التي اريد ان اكتب عنها، لكنني ما ان امسكت القلم حتى تلاشى كل شيء.
هناك الكثير من الناس حولي، لكن وجودي بينهم لا يغير بي شيئا سوى أنه يفاقم شعور الوحدة داخلي. كلما كثرت نقاشاتي معهم زاد شعوري بأنني لا أنتمي إليهم، لا أجد نفسي بينهم.
أنا أمضي الآن معظم وقتي في عالم خلقته لنفسي، مع أناس استحال الاجتماع بهم في الواقع، في اماكن عجزت عن التواجد بها في الواقع، عالم يخضع للقوانين التي اضعها انا. انه عالم الخيال. لكنه بالنسبة لي اكثر واقعية من الواقع نفسه، لأن الواقع قد اصبح مليئا بالتناقضات، حتى انني في بعض الأحيان اخلط بين العالمين فأجد نفسي تائهة لا أعرف طريق العودة.
لكنني و في هذه الليلة، عجزت عن اللجوء إلى عالمي، لماذا؟ لأنني اكره ان اخرج منه فاصطدم بالواقع ثانية، عقلي و قلبي يرفضان ذلك بشدة، اتعبتهما كثيرا، لكنهما لأول مرة يتفقان على شيء واحد! أحب أن انشب بينهما شجارا و استمتع بمتابعته، لكنهما الليلة اتفقا على الانتقام مني.
هناك شيء آخر نسيت ان اذكره، أو بالأحرى تغاضيت عن ذكره، لكنني احتاج الى ان اتحدث عنه، و ربما يكون السبب في كل ما يحصل لي الآن، لكنني حقا لا اريد ان اتكلم عن الأمر.
ربما أنا مجنونة ، و كل شيء عادي من حولي، لكنني انظر الى العالم نظرة مختلفة، رغم ان ما افعله و ما افكر به يبدو منطقيا بالنسبة لي، فقد اكون فعلا مجنونة. فلو كان المجنون قادرا على استيعاب و فهم ان افكاره مجنونة لما سمي مجنونا!