عدسة للنقاش
مواضيع اجتماعية

الإستيلاب الثقافي


سلام لي وسلام لكم وسلام لكل من له غيرة وحسرة عن عرف ثقافته واصله وكيانه ولم يتبع التقليد والتبيعة وبقي معتز بذاته وثراته وفكره ووجدانه .
بكل التحايا والسلام احييكم :
وبعد يسعدني ان انهي الى اعزاء #اغدراسيل موضوع للنقاش :
تحت عنوان "" الاستلاب الثقافي "" 
راجين ارائكم واقتراحاتكم والمساهمة في إيجاد الحلول في ظل إيقاع النفق المسدود.

#الاستلاب الثقافي :

يحدثك أحدهم باللغة العربية ويحشو كلامه بكثير من العبارات الإنجليزية او الفرنسية او غيرها على سبيل المثال 
التي لا حاجة لها أصلاً وأحياناً يحصل فيها أخطاء في التصريف اللغوي! 
هذا الاتجاه أصبح ظاهرة تكتسح البلاد العربية بلا استثناء ، بل وتسود. 
أن ظاهرة خلط العربية بالإنجليزية تعبير صادق عن حالة الاستلاب الفكري والثقافي التي تعيشها الأمة العربية. 
ذلك لأنه إذا طلب من المتحدث أن يواصل باللغة الإنجليزية فإنه يجد نفسه عاجزاَ تماماَ ولا يكاد يكمل جملة سليمة. بمعنى آخر الظاهرة تعبر عن نقص حاد في المخزون الثقافي لهؤلاء الأفراد وبالتالي فإن تطعيم الكلام بالمفردات الإنجليزية قد يترك الانطباع لدى الآخرين أن هذا الشخص مثقف.
بمعنى أن معيار المثقف لدى هؤلاء هو القدرة على التحدث بالإنجليزية مثلا ! 
هذا من جهة.. 
من أهم تجليات الاستلاب الفكري لدى الشعوب العربية خصوصاً هو تجزر عقدة الدونية مقابل الانبهار بالمثال. يحدث هذا الاستلاب كنتيجة لما يعرف بالصدمة الحضارية عندما يبدأ المصدوم حضارياً بالتنصل عن ذاته ومكوناته الثاقفية باعتبارها "دون" 
ثم يبدأ بالتطلع إلى المثال باعتباره "فوق". 
ومن هنا جاءت عقدة "الدونية" وهي عقدة يشعر بها المصدوم حضارياً ، مقابل عقدة "الفوقية" التي يشعر بها صاحب الإنتاج الحضاري. 
وهو نفس الشعور الذي ينتاب سكان الريف عندما ينتقلون إلى المدينة ، فيبدأ تطلعهم إلى المثال وهم سكان المدينة فيبدأ الأطفال وهم أكثر الفئآت عرضة للاستلاب الفكري والثقافي يتقمصون شخصية أهل المدينة فينسون لغة الأم (الرطانة) ويبتعدون عن أي شيء يوصمهم بأنهم من أهل الريف. 
حتى أن البعض يتعففون من أهلهم الريفيين حينما يزورونهم في المدينة. 
السبب في هذا مرده إلى المركزية القاتلة . 
حيث يتحكم المركز في كل شيء مع التهميش الكامل للريف ومنتجاته الثقافية. لدرجة أن لهجات القبائل العربية أصبحت تضمحل لتحل محلها لهجة هجينة .
من أهم آثار الاستلاب الفكري والثقافي اهتزاز الثقة بالنفس ويصبح تقمص شخصية "المثال" سواءً بتمثيل سلوكه أو التظاهر بامتلاك أي من منتجاته الفكرية والثقافية.
تعبيراً حقيقياً عن هذه الثقة المفقودة. 
إن أي مستلب فكرياً يصبح كالمنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى ،فهو قد تخلص من ذاته ولم ولن يبلغ ذات المثال وسيظل عالقاً ما بين ذلك. 
من سمات عقلية المستلب فكرياً وثقافياً إمعان الفشل والبحث عن الأعذار لهذا الفشل واتهام جهات أخرى خارجية بالتآمر مع التغني بأمجاد الماضي وبطولاته ! 
هذا كله للتغطية على الفشل والهروب إلى الأمام. 
وبالتالي فإن رجوع المستلب لذاته ضمان للتخلص من عقدة الدونية من ناحية وتحقيق النجاح المادي والروحي من ناحية أخرى.

#تمضهر الاستلاب والهيمنة 
ينتج عن ظاهرة الاستلاب الثقافي ظاهرة التقليد والتابعية الثقافية التي تظهر بعض الحالات غير المنسجمة مع التقاليد المجتمعية على أنها مظهر من مظاهر التمدن والتحضر مستغلة هيمنة الميديا ومكوناتها الاتصالية المباشرة، من خلال برامج ومقاطع فيديو لاقيمة معرفية لها 
ويتم الانبهار بقشريتها وبعناوينها البراقة كالقرية الصغيرة والتداخل الحضاري. ومثل هذه الظاهرة الخطيرة تنبىء بتفكك مجتمعي يبدأ من الأسرة كقاعدة وصولاً لقمة المجتمع وهنا تمظهر آخر من تمظهرات الاستلاب بين القاعدة والقمة.

وعلى ما يبدو فإن نسقاً فوضوياً يسعى لخلط الأوراق من خلال إعطاء الفوضى الفكرية شرعية اعلامية تضبب الواقع أكثر، ويعمل على ضرب منظومة القيم الاخلاقية ببرامج تدعي أنها تحاول الاقتراب من مشاكل الانسان بينما هي تزيد منها بقصدية الهيمنة الفكرية عليه بهدف استلابه وتوجيهها باتجاه مشاريع معينة تسعى لكساد فكري، وإبعاد الانسان عن منابع المعرفة الحقيقية.
متخذة من قضية المرأة وتحررها على مستوى الجسد قناعاً تتخفى خلفه تلك المشاريع فضلاً عن أقنعة أخرى كالمثلية الجنسية وغيرها والتي صارت لها قوانين تنظمها في بعض البلدان!

#الأحادية وتعزيز الاستلاب

إن الهيمنة الأحادية لفكر معين يقوم على نزعات عنصرية؛ يساهم بعملية طمس هويات الأقليات وتغليب الهويات القومية العنصرية، أو الدينية بشكلها المتطرف، وبذلك تتعزز حالات الاستلاب الثقافي والفكري عند الأفراد من سواء كانوا من أتباع الأكثرية أو الأقلية؛ لغياب الانسجام والحوار الحضاري وتصدع قيم التعايش من خلال الانغلاق على الذات التي قد تخضع لمستفزات الانفتاح الفوضوي.
وهنا تبدأ أولى عمليات استلاب الأفراد في مزاوجة غير منطقية بين التخلف المعرفي الناتج عن الأحادية من جهة، وآليات الانفتاح الفوضوي.

ومثل هذه الإشكاليات؛ نجد لها حضوراً في مجتمعاتنا العربية ، حيث يفرض الفكر نفسه عقيدة تحتكر الحقيقة، ويمهد لسلطة مطلقة لا تلغي الآخر فقط .
بل تسعى لتحطيمه غير مؤمنة بوجوده أو بحقه في الحياة وتبدو مثل هذه الظواهر الأحادية متجذرة ونعززها كقيم توارثناها ولم نفكر جدياً بطرحها على طاولة النقد.
فالأفكار الأحادية تنفتح، لكن انفتاحها مشروط بكل مامن شأنه يؤيد استمرارها وحدها دون غيرها وهذا أشد وأخطر أنواع الانفتاح؛ لأنه انفتاح مضبب.
أيضاً تنطبق عليه ثنائية القاعدة والقمة، غير أن الفرق هو أن الأحادية تبدأ من القمة ممثلة بأحزاب السلطة نزولاً إلى الفعاليات الثقافية والاعلامية.
قد تكون هناك بعض المشاكل المتعلقة بفهم دلالات الاستلاب على صعيد اللغة والمعنى؛ لكن الأهم من ذلك هو رصد تأثيراته وتمظهراته على أجيالنا التي قد تبدو مهيأة لهذا النوع من الاستلاب .
مالم نتدارك ونستنفر الجهود المعرفية والفكرية لإنقاذ مايمكن إنقاذه، عبر التحرر من كل أشكال التبعية الثقافية والسلوكية للغرب تلك التبعية التي إن تنامت ستجعلنا غرباء في بيوتنا.

#تحية وتقدير لكل من ابدى اهتماما خاصا بهذه الآفة وساهم ولو بكلمة من اجل اجاد حلول مناسبة .. وشكرا .

تم عمل هذا الموقع بواسطة