اللوحة الضائعة
________________
تقف أمام مرآتها، تحدق في ذاتها، تتساءل عن الصورة التي تراها، هل هي ذاتها أم أنها وهم، أم طيف عدم زار الحقيقة واختفى، تركز بصرها في وجهها كم تعجبها غمازتها، تشعر بأنها نجم يتصدر المجرة، يشع ويملأ المكان بوجوده، تمسح تفاصيلها بنظرة، يعجبها شعرها المسدل، ترفرف حين ترى ابتسامتها، تضع فرشاة أسنانها ثم تذهب حيث صوت أمها يدوزن اسمها
يا نهى ....نهى ....نهى.
تساؤل، تساؤل، تساؤل ولا إجابه، هكذا ترى نتيجة حوارها مع محيطها، صويحباتها وأمها، فكلما تعمقت في حواراتها ترى انقطاعات حبل المنطق الذي يربط الأشياء.
_ لا جدوى لا جدوى يا عفورة العدم هو الحل.
_ ماف حل ولا العدم زاتو، حياة غريبة، وزي ما قال الشاعر يوم ولدنا وضعت في جباهنا الحروب وخستكة العساكر والموت الطروب.
_ هههههه وريتينا يا حميد إنت.
هكذا حواراتها، تبدأ بلا نهاية، تفتح في دواخلها سؤال، يقود إلى مثيله ولا يقف عند عدم الجدوى، فثمة شيئ ينعش روحها، يريح اعصابها، تتمنى أن تقبض عليه بين يديها، راحة تنتاب روحها، تلف اوصالها في الهناء، تنعش ذاتها ،تراها كأنها فراشة، تحلق وتحلق ومن ثم تلامس سطح الزهرة لينفحها العبق.
هذه اللحظة الفائقة الجمال وحدها ما تحارب بها اسراب اللا منطق والعبث، لحيظات تسمع فيها صوتها، وتصحب فيها ذاتها وتتأمل، يضيق فيها طيف العدم الذي يتسرب من نافذة المعنى المفقود حتى يستحيل إلى كرة صغيرة تضعها في كف يدها وتتلاعب بها، فحينا تلتصق الكرة بأصابعها وحينا تتقافز كلاعب جمباز، تدفعها إلى الأعلى وتحسب معها، واحد، اثنين، ثلاثة ....وعند العدد عشرة تدفعها من النافذة لترتطم بالأرض ثم تغلق النافذة وبكل نشوة ممكنة تهرول نحو طربيزتها.
تأتي بكرسيها الذي تحبه، واقلامها التي تهوى أناملها ثم تضع الورقة البيضاء، وتدخل في تجربة وجدانية، روحية، تنسى من هي، من هم، من نحن، ولماذا، تراها كأنها طيف حل برهة ثم مضى، تندغم بكل كيانها في عملها، كأنها تنتقم من كل اللحظات المؤلمة، والمواقف الحزينة، والفراغ العريض، تأتي بأقلام التلوين، وبحرفة العارف، تكتمل الولادة، ويأتي الطفل بصرخة الحياة التي تهزم دواعي العدم، تنظر إلى طفلها، ترفع لوحتها عاليا، تنظر إليها، ثم تمزقها وتضحك على فعلها وتذهب.
&عمر أرباب&