#الإنتحار...الذات المخفية قسرا.
__________________
الإنسان عالم مليئ بالرغبات والتناقضات والمواقف المتحركة، فالحياة هكذا لا تستقر على وتيرة واحدة، بل نهر مندفع ومتلاطم الأمواج لا يعرف السكون.
الحياة بحيواتها مسرح كبير ومليئ بكل الممكنات والمستحيل.
الإنسان يأتي للحياة دون خبرة سابقة ودون خطة مرسومة التفاصيل، يأتي اعزل وصفحة بيضاء، يبدأ عمره بطفولة مفتوحة على الدهشة وشغف التعرف، تطول طفولته جدا كأنه يتهيأ بها لتخزين حيواته وإعداد لاوعيه ووعيه للتفاعل لما سيأتي من أيام عمره، وهنا يساهم ما جبل عليه، وما اكتسبه من والديه ومحيطه الصغير ومحيطه الكبير في تكوين شخصيته ومن خلال هذا التفاعل يكتسب الإنسان الرؤى والخبرات ويصير كائن اجتماعي وكيان خاص وسط مجتمعه الذي يعيش فيه.
ومن ثم تأتي مرحلة النضج والإدراك، حيث تتشكل شخصية الإنسان وفق خياراته الحرة، ووفق نظرته وتأمله وبحثه عن شخصيته وسعيه لتحقيق ذاته، وهذه هي المرحلة التي يبدأ فيها الصراع بين الإنسان كشخص يريد أن يكون ما يريد وبين الإنسان بمحمولاته التي اكتسبها وبين المجتمع كسلطة موجودة أمام الفرد، وهنا تتعدد أنماط البشر في كيفية تعاملهم مع الصراع الذي ينشأ بين الذات المكتسبة والذات المفكرة، وبين الذات والمجتمع.
وعي الشخص هو الذي يقوده إلى خياراته حين يحتدم الصراع فيصبح حديا، موت أو حياة، فهنا يظهر وعي الانسان ومدى فهمه لرحلة الحياة وحظ الذات في هذه الرحلة ومحاولة فتح المسارات التي توصل الإنسان إلى ما يريده.
طبيعة الإنسان أو فطرته أو المشاهد منها تقول بأن الإنسان ابن الحياة وليس ابن الموت، فكلنا نحزن ونبكي ونتألم لمن يرحل، بل ذكريات الذين رحلوا تشجينا ونتذكرها ونغالب بها النسيان، فكأننا نريد لنا ولهم الخلود.
والسؤال الذي ينبجس من كل هذا لماذا يلجأ البعض إلى إنهاء حياتهم قسرا ووضع نقطة أخيرة لحيواتهم ورحلتهم في الحياة? الإجابة على هذا السؤال لا يمكن أن تكون عامة باعتبار أن الظروف التي اضطرت الأشخاص أو جعلتهم اختاروا ما اختاروه تختلف من شخص إلى آخر، لاختلاف الوعي والظروف والاستعدادات وإمكانية الحصول على إجابات للأسئلة التي تثيرها احداث الحياة.
وبما أن الحياة فترة زمنية محددة وغير معروفة الأحداث أو لا يمكن الجزم بما يتكشف فيها عبر الزمن، يصبح قرار انهائها في لحظة ما أي كانت الظروف هو مسألة تستحق نظر صاحبها، ربما انعدام الرؤية والمعنى قبل الإقدام على الرحيل، يعقبه انفتاح للرؤى واستلام لمعنى اخفته ظلمة الذات عندما ضيقت عوالمها.
أخيرا الحياة رحلة ومنحة، وعوالم مدهشة بكل الاحتمالات، وأنت من يقرر طريقه فيها، فالحياة بالحب والخير والجمال والكفاح النبيل من أجل الذات سبيل يستحق العبور به إلى آخر نقطة والتي حتما ستصلها الخطوات يوما ما، فلما الاستعجال في تقديم ما حقه التأخير.
&عمر أرباب&